عندما قال لي
أحد الأصدقاء إن الدكتور عصام الزعيم يعيش حاليا في منزل مستأجر بعد كل هذه
المسيرة العلمية والبحثية محليا ودوليا تخيلت وضع شخص أخر بدأ حياته بالأعمال
والمال في ذات الوقت الذي بدأ به الزعيم مسيرته العلمية....وسألت نفسي ماذا سيكون
وضع ذلك الرجل؟!
بكل تأكيد هو
اليوم من أصحاب المليارات ويعيش في قصور ويركب أحدث السيارات ويتنقل من بلد
لأخر،بينما د. عصام الزعيم يقاتل حتى الرمق الأخير سعيا نحو نشر نتائج مسيرة عقود
من الزمن عمل خلالها أستاذا جامعيا في أرقى الجامعات العالمية،خبيرا في أهم
المنظمات الدولية، ومسؤولا لأهم وزارتين في سورية...
هذا هو
الواقع....وهو في صورة أخرى يقدم وجه غير جميل إذ أن بعض أساتذة الجامعات
والمختصين بالشأن الاقتصادي ليس محليا بل إقليميا ودوليا ضحوا بالجانب البحثي
لصالح العمل لدى أوساط رجال الأعمال بعدما اكتشفوا أنهم إذا ما استمروا بالطريق
العلمي فلاشيء يحصدونه غير كثير من النقد والاتهامات،فيما هناك من يجمع المال
والشهرة....
و لا يختلف
حال من يعمل بالشأن الإعلامي الاقتصادي، ففي الوقت الذي نسارع فيه إلى نشر قرارات
الحكومة الاقتصادية كالسماح بالاستيراد والتصدير ونطالب بإلغاء بعض الرسوم
والضرائب والإجراءات هناك من يبني على ما نقوم به ثروة هائلة،فإذا كان المحرر الذي
يحقق سبقا صحفيا عبر نشر خبرا اقتصاديا مهما تمنحه الصحيفة مكافأة قد لا تتعدى 500
ليرة،فإن كثير من رجال الأعمال المهتمين بهذا الخبر يعقدون صفقات ويوقعون عقودا
بملايين الليرات....وهكذا.
ربما هذه هي
طبيعة الحياة...ومتاعب كل مهنة و وظيفتها، إنما لو أردنا تبديل الأدوار كأن يتحول أساتذة
الجامعات المختصين بالشأن الاقتصادي لمستثمرين، وبعض إعلاميو الشأن الاقتصادي
يصبحون تجارا وصناعيين.... فهل يكون نصيبها النجاح؟!.
لا أعتقد
ذلك.... والتجارب تؤكد أن الفشل سيكون حليفها،فالإخلاص وسوية الأخلاق لن تجعل من
عصام الزعيم رجل أعمال مليونير، والتزام الصحفي لن يجعل منه تاجر أو صناعي....
كلامي لا يحمل
انتقادا لمن يعمل بالمال والأعمال، ففي هذا القطاع الكثير ممن يمتلكون سوية
أخلاقية ومهنية عاليا....لكن ما أعنيه هو أن الإخلاص للمهنة والمبدأ لابد و أن
تصاحبه نتائج....صاحب الفكر يزداد غنى.... وصاحب الأعمال يزداد غنى تبعا لمفهوم كل
منهما.
زياد غصن
zghisn@scs-net.org
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=160&id=205