يعتبر تفعيل الوظيفة العامة حجر الاساس في مسلسل تحديث الدولة والادارة ومؤشر حقيقي على تبني الدولة لخيارات بناءة وهامة ازاء المواطن المستفيد من الادارة او المرفق العام او الادارة المحلية غير ان مجمل الخطوات التي تمت منذ عام 2000 عام بدء مشروع التطوير والتحديث والتغيير الذي اطلقه رئيسنا الشاب في ثنايا خطاب القسم لا زالت غير كافية حيث تم تبسيط بعض الاجراءات الادارية وتم احداث مايسمى النافذة الواحدة لكن هذه النافذة لم تقم بدورها بشكل جيد
ولا زالت الخطوات التي تمت تنقصها التعبئة الضرورية لمختلف مكونات الادارة بكل مستوياتها وتعميق الوعي لدى اجهزة الادارة بمدى اهمية عملية التحديث والتطوير حتى ان بعض الاساتذة قال لنا ان الذي يستفيد اليوم بواقع الادارة الحالي مثلا ب3000 شهريا يستفيد عند تحديث الادارة ب6000 ل شهريا
لذا لابد من الاصلاح الكامل والشامل لان سيادة التصور الجزئي للاصلاح وبلورة مشاريع منفصلة ومجزاة لا يحقق القفزة المنشودة ولا يؤدي الي تطوير الجهاز الاداري برمته فيجب وضع نظام موارد بشرية عام شامل يتضمن عدة امور واشياء بحيث يصيب التطوير كل مكونات الادارة ويمكن ان يكون هذا الامر موضوع مقال لاحق نبين فيه سمات هذا النظام المطلوب العمل به من اجل تطوير الادارة لكي تكون اداة تطوير وتغيير للبلد بالكامل
مضى9 سنوات ولم يشعر المواطن بالجهود والانجازات التي بذلت حتى الان وذلك لسببين من وجهة نظري :
- العام الماضي عندما تقدمنا الي مسابقة الانتساب الي معهد الادارة العامة نفاجئ باننا لسنا موظفين ولا يوجد لنا اسم في السجل العام للعاملين في الدولة
- ونستطيع ان نسوق الكثير من الامثلة التي تؤكد بطء الاصلاحات والاخطاء الكثيرة التي ما زالت موجودة في كثير من المرافق
- علما اننا نحن موظفين عموميين لكن غيرنا من القطاع الخاص يوجه ملاجظات كثيرة لكل الهيئات الادارية العاملة في الدولة والتي تتعامل مع المواطن بشكل مباشر
الامر الذي يؤكد ان سلوك الموظفين ازاء المواطنين المرتفقين اي المستفيدين من المرفق العام هو اساس الاصلاح والتحديث والتطوير وينبغي ان تنصب المعالجة على هذا الامر بشكل جوهري وعلاوة على ذلك ان العمل الاداري يحتاج الي كثير من الضبط والتنسيق والمراجعة الدائمة حتى تتوفر له شروط النجاح والفعالية والنجاعة والقبول من قبل الناس والمواطنين المقيمين والمغتربين
وساحاول في هذا البحث المقتضب االقصير ان ابرز واعالج بعض السبل والوسائل التي اراها من وجهة نظري مهمة من اجل تحديث وتطوير الادارة السورية لكي تستجيب لرغبات رئيس البلاد من اجل انجاز مشروع التطوير والتحديث وساقترح بعض الاجراءات العملية التي من شانها تحسين وتيرة الاداء الحكومي لا سيما اداء الادارة العامة:
- تفعيل وتوسيع الاصلاح الاداري
- ضمان ضبط وتنسيق افضل لسوية الاداء الحكومي
· وضع مشروع الاصلاح :
ان مشروع الاصلاح الذي وضع من وجهة نظري غير كامل وهو بحاجة الي توسيع والى شمولية عناصر اخرى مهمة ومن البديهي ان يتطلب تحديث وتطوير الادارة دفعا ودعما قويا من الحكومة وذلك من خلال تحديد رؤية شاملة لما ينبغي ان تكون عليه الادارة في الالفية الثالثة وهي:
- ادارة مستقلة
- ادارة محايدة
- ادارة شفافة
- ادارة ناجعة
- ادارة مسؤولة ومشبعة بواجب خدمة الصالح العام
- ادارة معلوماتية مؤتمتة
- ادارة تعمل للوطن وللناس وليس لها
- ادارة تستجيب تستوعب مضمون مشروع الرئيس التطويري والتحديثي
ولذلك يجب ان تقوم الحكومة بتقييم ودراسة مبادرات الاصلاح والتحديث التي اتخذتها في السنوات الثلاثة الاخيرة وبعد التقييم يمكن وضع مبادرات جديدة لكل قطاع وزاري ولكل ادارة ومن الافضل ان تتم عملية تنسيق كاملة بين الوزارات والادارات لكل خطوات مشروع التطوير والتحديث بحيث نستفيد من خدمات الخبراء ونزج بخريجي المعهد الوطني للادارة العامة في الادارات والوزارات التي تعاني خلل اكثر في المرحلة الاولى وبشكل عام يجب وضع مشروع اصلاحي شامل يتضمن مايلي
- انجازات محددة في مستويات الادارة
- تاطير المشروع ووضع هيئة عليا مشرفة عليه
- نهج سياسة تواصلية نشيطة داخل وخارج الادارة
- تعبئة الموظفين السوريين وشرح اهمية التغيير
- تحسين جميع الخدمات المقدمة الي المواطنين
- تطوير اليات عمل الهيئات الادارية نحو الافضل
- النظر في الادارة الدبلوماسية خارج القطر
تحسين جودة الخدمات محور اساسي
في تحديث الادارة
تتلخص عملية الاصلاح والتطوير في فكرة واحدة كما قال السيد الرئيس بشار الاسد وهي تحسين مستوى معيشة الناس وتقديم خدمات ذات جودة عالية لضمان ثقة المواطنين لذا لا بد من كسر حواجز الشك وعدم الثقة المتبادلة بين المواطنين والادارة والدولة والسلطة ولا بد من العمل على اشاعة قيم واهداف مشتركة بين الجميع من اجل دعم تنافسية ونمو الاقتصاد الوطني ومن اجل اقامة شراكة حقيقية بين الادارة والمواطن والقطاع الخاص محورها الثقة المتبادلة والحرص المشترك على تاهيل البلد وتنمية قدراته من خلال تاهيل الموظفين والاستفادة من الموظفين المؤهلين لخدمة الناس وتقديم لهم خدمات جيدة سريعة رخيصة تلبي حاجاتهم
ولهذا السبب يجب تفعيل الية التشاور بين الحكومة والقطاع الخاص واحداث لجنة عامة لتنسيق المشروع الاصلاحي وتكوين مجموعات وخلايا تفكير والاستفادة منها في كل قطاع وزاري وفي كل ادارة بحيث تضم هذه الخلايا المتخصصين والمتميزين فكريا وثقافيا ولديهم سعة افق وكل ذلك يتم تحت عنوان الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص والمواطنين وفي هذا المجال يجب على كل ادارة عامة ان تضع ميثاق يحدد علاقتها بالمواطنين المراجعين لها ويلزم هذه الادارة باداء الخدمة في اجل ووقت محدد وفق معايير الجودة المطلوبة كما يجب وضع جوائز تقديرية ونظام حوافز فعال يشجع روح التفاني في العمل داخل الادارة
- كما يجب وضع نظام ترقية ادارية مضبوط حسب الاستحقاق وحسب العمل الذي يقوم به الفردوعدم ترفيع جميع العاملين 9% دون تمييز بيت المجد والكسول
- كما يجب وضع نظام تقييم وتنقيط شفاف عادل وملائم
- كما يجب ايجاد وسائل كفيلة لحث الموظف على الانخراط في الاصلاح والتحديث
- كما يجب وضع مؤشرات لتقييم جودة الخدمة المقدمة من قبل الادارة ووضع اليات تلقائية ومحايدة لمراقبة المسؤولين القائمين على كل ادارة
- كما يجب القيام بتحقيقات دورية للتاكد من رضى المواطنين والمتعاملين مع هذا المرفق العام وتعتمد هذه التحقيقات كمعايير في تقييم قادة الصف الاول والثاني
- كما يجب نشر كراسات ونشرات وكتيبات تتضمن مختلف الاجراءات التفصيلية المتعلقة بكل ادارة وبكل خدمة وامد هذه الخدمة وذلك من اجل تكرييس الشفافية والحياد في معالجة الملفات
- كما يجب توحيد اساليب العمل من اجل الحصول على خدمات متشابه من شباك واحد مثال رخصة الاستثمار
- كما يجب انفتاح الادارة على البيئة والمحيط من خلال خلق مكاتب للتواصل والاعلام والتوجيه بمختلف الادارات والقطاعات
- كما يجب خلق نظام بنك مركزي للمعلومات المتعلقة بمختلف المصالح والادارات عبر شبكة للا تصالات مهمتها نشر كافة المعلومات وتقديم الاستشارات عن بعد
- ارساء نوع جديد من العلاقات بين الادارة والمستفدين والمتعاملين والمراجعين من اجل تلميع صورة الدولة ( الادارة ) عند مختلف الناس وخاصة المستثمرين الاجانب منهم او السوريين المغتربين القادمين الي سورية موسميا وحتى تلميع صورة الدولة خارج سورية
التنسيق الفعال للعمل الحكومي
· تطوير العمل بين الوزارات والادارات
ان اغلب الملفات والقضايا التي تعالجها الحكومة تتطلب تدخل وزارات متعددة وادارات كثيرة لكن عملية التنسيق بين الادارات والوزرات لا زالت بطيئة وغير فعالة ودليل ذلك المثال الذي قدمته عن عدم معرفة كثير من الناس الية عمل المعهد الوطني للادارة العامة واهمية هذا المعهد وخاصة من قبل بعض الوزراء وبعض المدراء العامين وبعض المحافظين حيث لا تزال العوائق كثيرة امام الراغبين بالانتساب الي مسابقة هذا المعهد وكان البعض لا يريد النجاح لهذا المعهد وبالتالي فهو يقف ضد مشروع التطوير والتحديث لذا لا بد من رصد مجمل عناصر النشاط الاداري التي تهم كل وزارة وكل ادارة وكل جهة والتواصل حولها ويجب تتبع مجمل السياسات العامة من خلال خلايا لدى الامانة العامة لمجلس الوزراء او الوزارات التي مهمتها تطوير العمل والتنسيق التام بين الوزارات والادارات بحيث تتابع هذه الخلايا تنفيذ مختلف القرارات المتخذة من قبل الحكومة وتكون بمثابة بنك معلومات اداري لتجميع كل التقارير والمحاضر والاعمال الوزارية
*اعادة تحديد مهام الادارات والوزارات
بما يتناسب مع ضمانة التنسيق الداخلي على مستوى الادارة والوزارة والتنسيق الخارجي بين الادارات والوزارات من اجل لعب دور هام في مجال تنسيق السياسات العامة للحكومة
*يجب خلق نظام لتقييم السياسات العامة للحكومة ويمكن الاستفادة من تجارب الدولة المتقدمة في هذا المجال ويمكن ان تعهد مهمة التقييم الي المعهد الوطني للادارة العامة نفسه لان الغاية منه تحديث وتطوير الادارة التي تصب في اطار تحسين وتطوير الاداء الحكومي بحيث تشمل عملية التقييم كل ما يتعلق بعمل الحكومة حيث يمكن قياس ووضع درجات حسب معايير محددة سلفا
اعادة تحديد مجالات تدخل الدولة
يجب تحليل مهام الدولة ووظائفها بشكل دائم ومستمر لان بيئة اليوم متطورة متغيرة باستمرار فدولة الستينات والسبعينات ودولة التاميم لم تعد دولة اليوم حيث اصبحت الدولة اليوم دولة اجتماعية دولة رفاه واقتصاد الدولة اليوم اصبح اكثر تحريرا مما كان عليه في الماضي حيث كان يسود الاقتصاد المركزي المخطط ولقد ظهرت مفاهيم جديدة اليوم ولا سيما العولمة والتنافسية الاقتصادية الشديدة التي تفرض تغيرات عميقة على بنية الدولة وعلى مهام الدولة وعلى المجالات التي تتدخل بها الدولة
وفي هذا السياق يجب على الدولة العربية السورية ان تحدد مهامها الجديدة وان تحدد مجالات تدخلها وان تكف عن بيع السكر والرز وان تحدد علاقتها بالمؤسسات العامة وبالقطاع الخاص وبالقطاع الاهلي وبالمؤسسات الدولية ويجب الابقاء على مهام استراتيجية وهي مهام السيادة ( الامن الداخلي والخارجي والعدل والدبلوماسية ) والتي بدون ممارستها لا يمكن للدولة ان تحافظ على مشروعيتها ككيان معترف به وكشخص من اشخاص القانون الدولي والعلاقات الدولية لا كما يفعل اشقاؤنا اللبنانيون اليوم حيث يدولون لبنان وفي كل امر يطلبون محكمة دولية
ويجب على الدولة ان تحافظ على التكافل والتقدم الاجتماعي وتسيير المؤسسات العامة عبر فصل الادارة عن الملكية وتفعيل الشراكات داخل المجتمع والمصالحة بين المجتمع والدولة كما يجب تحرير بعض قطاعات الاقتصاد من اجل منح القطاع الخاص دور في مجال انتاج المواد والخدمات التي كانت تحتكرها الدولة وبشكل عام عندما ينجح القطاع الخاص في الانتاجية والمردودية والجودة والربح والتنظيم فهذا ليس خسارة للدولة بل يصب في النهاية في مصلحة سورية وفي مصلحة ابناء سورية
ولقد كان لظاهرة عولمة الاقتصاد وخاصة بعد احداث منظمة التجارة العالمية وتحرير تبادل السلع والخدمات والغاء بعض الحدود الجمركية كان لذلك اثر مباشر في تحويل العديد من مجالات تدخل الدولة لا سيما في مجال التامين والقطاع المالي وتنظيم المنافسة والاسعار ومن هنا يجب ان تتطور الدولة وان تتغير وان تغير مجالات تدخلها بحيث تستجيب لمتطلبات الالفية الثالثة ولمهامها الاستراتيجية الجديدة تحت عنوان مصلحة الجميع وان يصبح البلد ورشة عمل متكاملة لا يتكل فيها احد على احد وهنا يجب تدخل الدولة احيانا عندما يصاب الاقتصاد الوطني بالاختلالات ويجب ان تبقى الدولة في مجالات محددة مكلفة لا يستطيع القطاع الخاص القيام بها بشكل فردي
ويبدو من المفيد ايضا تحديد علاقة الدولة وحدودها بالمرافق العامة والمؤسسات العامة ومؤسسات الادارة المحلية بحيث توضح الدولة مهام كل مؤسسة وكل ادارة وتحتفظ هي بالمؤسسات والمرافق التي تستطيع ان تسيرها بجدارة وفاعلية كما يجب ان يكون التزام الحكومة والادارة التزاما فعليا وعمليا يتجسد على ارض الواقع على شكل اعمال بناءه وسلوكيات قويمة واضحة يمكن قياسها ومعرفتها بشكل يضمن نجاح وكفاءة الادارة من اجل استئصال ثقافة الاهمال واللامبالاة واللاعمل والهروب الي الوظائف الوهمية حيث ادت هذه الثقافة وهذه الفلسفة الي شل الادارات والى خسارة الاقتصاد الوطني مليارات الليرات السورية
واخيرا يجب خلق وتنمية ثقافة جديدة وفلسفة جديدة هي ثقافة الالتزام بالواجب وبالتطوير والتحديث لسورية والالتزام بالمواطنة الحقيقية التي تقيم للشان العام حقه وتؤسس لادارة فاعلة تحترم المواطنين وتخدمهم من اجل ان تنشا علاقات ثقة متبادلة بين هذه الادارة وبين المواطنين
افكار اجدها مفيدة في اطار دعم مسيرة تطوير وتحديث سورية ارجو ان تنال الاهتمام من المعنين.
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=160&id=298