ليس من المنطق أن يضطر المواطن السوري إلى ارتداء ثوب فُصل على قياس غيره، بل ليس من المنطق أن يجبر على ممارسة دور لم يكتب له، خاصة حين يجد هذا المواطن نفسه غارقاً في تفاصيل مادية أعلى من مستواه.
فبكل بساطة، فجأة وجد هذا المواطن نفسه على قدم المساواة مع 400 ألف مواطن عراقي نزحوا إلى سورية بعد الاحتلال الأمريكي لبلادهم. ومع توفر الجانب العاطفي في التعامل مع هؤلاء، فإن إمكانياتهم المادية الجيدة كشفت عن موقع متأخر للمواطن السوري في معادلة العرض والطلب.
بل إن هذا المواطن وقع فريسة سهلة لفئة محدودة من المحتكرين والتجار الذين (لعبوها صح) كما درجت في العامية ورفعوا مستوى الأسعار، وخاصة أسعار العقارات وأجورها إلى مستوى هؤلاء العراقيين الذين يظهرون قدرة على الإنفاق غير موجودة لدى المواطن السوري العادي.
وهكذا يبدو جلياً أن وجود العراقيين بكثافة في سورية أظهر عيوباً عميقة في سياسات الإسكان وجعلنا نتساءل لماذا حرمت البلاد من أي أماكن تنظيمية جديدة ومنذ سنوات طويلة، ولماذا هذا الاستسهال في إيجاد مناطق عمرانية تستهدف المواطن ذا الدخل المحدود، ولماذا ما زالت شركات الاستثمار العقاري في دائرة التصريحات والرغبات ولم يطلع أي منها حتى الآن على أرض الواقع، والذي طلع فيخص الفئة الغنية فقط؟
كل ذلك يدعونا أن نسأل، ما الشيء الذي منع صدور قانون الاستثمار العقاري وهناك تصريحات مثبتة للمسؤولين الحكوميين من قمة الهرم إلى أسفله بأنه سينجز بأسرع وقت ممكن. دون أن ندري أي عداد للوقت تعتمده الحكومة. ونسأل، أين قانون التمويل العقاري وهو الذي كان من المفترض أن يعلن خلال مؤتمر المصارف الأخير كإثبات على تحرك البلاد السريع نحو الإصلاح والتطوير.
بل لماذا غاب عن حكومتنا أي خطط معلنة وواضحة لاستيعاب حركة نزوح الأشقاء العراقيين إلى بلادنا وتركت الأمور دون أي رد فعل، مقتنعة عند الضرورة أن هؤلاء يحركون البلد ويصرفون القطع؟
ألم يكن المفترض ان تخطط الحكومة لحركة النزوح هذه وتبادر إلى حركة إعمار ضواحي سكنية لتعدل من حركة ارتفاع الطلب على المساكن؟
ومرة أخرى، من مصلحة من أن تبقى الأمور هكذا بلا رقيب؟ السكن المخالف.. بحماية البلديات ومن فوق البلديات، في ظل غياب حتى للنص الحرفي للقانون.
إذ كانوا في السابق يعمدون للمخالفة عبر استغلال نقاط ضعف في القوانين يلتفون عليها، أما الآن فالتواطؤ على القانون علانية ودون خجل...
والسكن النظامي حلم مؤجل ومؤجل إلى ما لا نهاية. واسألوا من زرع أحلامنا شققاً مشرعة للشمس يدخلها الهواء معطراً بياسمين دمشق، محصنة ضد التلوث. فانتظروها... لكن بصبر قد يمتد طوال الحياة.
هيام علي
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=160&id=51