كارثة زلزال حلب يصعب أن تُحكى… عائلات فقدت أفرادها بالكامل
07/02/2023



 
 
 

 رحاب الإبراهيم
لم يكن يعتقد أهل حلب يوماً أنهم سيهربون من بيوتهم حفاة في عز الليل، لكن حساباتهم للأسف مختلفة عن حسابات الطبيعة وخاصة أنهم لم يلتقطوا أنفاسهم من سنوات الحرب القاسية، حيث أجبروا إلى النزول فجراً إلى الشوارع تحت تأثير الهزة الأرضية، التي تعد الأقوى بين المحافظات السورية بعد ارتجاج بيوتهم وانهيار الأسقف فجأة في المناطق وسط المدينة، وصولاً إلى انهيار بعضها بشكل كامل، وإن كانت الكارثة الأكبر تجلت في المناطق العشوائية، إذ قاربت نسبتها ٨٠ بالمئة من حجم الكارثة.
مأساة وألم
حالة الدمار الكبير الناجم عن الزلزال الذي يعد الأكبر منذ عقود  في عدد من المناطق وخاصة في المناطق العشوائية، وعاشت مع الأهالي حجم المأساة والألم الذي لحق بهم بعد فقد عائلات كثيرة أفرادها بالكامل جراء سقوط الأبنية فوق رؤوسهم، حيث يتحدث عبد الله محمد  أب لثلاثة أولاد  في حي الفردوس الشعبي كيف انهار المبنى الذي يقطنه فجأة بعد الهزة الأرضية القوية الأولى، ما تسبب في فقد عائلته بالكامل، مشيراً إلى استمرار البحث عن جثثهم تحت الأنقاض، حيث يبكي بحرقة ويقول: من المستحيل بعد كل هذا الوقت خروجهم أحياء.
في حين تتحدث ولادة الحسن عن لحظات خروجها  من بيتها مذعورة عند وقوع الهزة الأرضية القوية التي حصلت عند الفجر، ما استدعاها للخروج حافية من دون ألبسة شتوية تدفيء أجساد أطفالها الصغار وخاصة أن الجو كان ماطراً وبارداً جداً، وقد تكررت هذه الحالات في الهزات الارتدادية الأخرى، مشيرة إلى أن خوفها كان على أولادها، لكن عموماً هذا حال الجميع وليس وحدها من قامت بذلك، فالناس خرجت من بيوتها خائفة من انهيار الأبنية فجأة من دون تفكير بأي اعتبارات أخرى أو أخذ أي أغراض أو نقود، فالمهم سلامة الأطفال أولاً وأخيراً.
أما الثلاثينية ذهب قلعجي “أم لأربعة أطفال أصغرهم سنتان” من قاطني منطقة الجميلية روت ل”تشرين” كيف سارعت فوراً إلى إنزال أطفالها إلى الشارع والبقاء في السيارة طوال النهار خوفاً من هزات أرضية جديدة، مشيرة إلى تصدع بيتها بشكل كبير لكونه يعد  الطابق الأخير في بناء مؤلف من ثلاثة طوابق،  علماً أنه كان قد رمم خلال العام الفائت.
ورفضت جارتها الخروج من بيتها إلى الشارع في سبيل إنقاذ قطتها، فهي تبقى روح يجب الحفاظ عليه.

 

حصيلة غير نهائية
حجم الكارثة الإنسانية التي أصابت مدينة حلب، التي كانت تشهد كل فترة انهيار في أبنية أحياءها العشوائية المخالفة، يظهره ارتفاع عدد الوفيات الذي قارب ١٤٠ وفاة مع عشرات الجرحى الذين تجاوز ٣٠٠ شخص مع انهيار حوالي ٣٨ مبنى، عدا عن تصدع عشرات الأبنية المهددة بالانهيار في أي لحظة في حال تكرار الهزات الأرضية وعدم المبادرة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة من الجهات المعنية أقله إنقاذ سكانها عبر تأمين مراكز إيواء لهم لحين انتهاء الكارثة ومعالجة هذه التصدعات.
إبلاغ عن حالات التصدع
وفي هذا الصدد دعا رئيس مجلس مدينة حلب الدكتور معد مدلجي المواطنين الإبلاغ عن أي حالة تصدع في البيوت ليصار إلى معالجتها وتداركها وتجنب سقوطها والمحافظة على حياة قاطنيها، مشيراً إلى حجم الكارثة الإنسانية جراء الزلزال الذي ضرب حلب، مشيراً إلى محاولة التخفيف من حجم الكارثة عبر  التعاون بين جميع الجهات من قطاع عام وخاص ومجتمع أهلي والمنظمات الدولية العاملة في حلب.
استنفار كامل 
محمد حجازي رئيس مجلس محافظة حلب بدوره أكد بذل كل الجهود واستنفار كافة فرق الدفاع المدني والإطفاء والصحة من أجل إزالة الأنقاض والبحث عن ناجين تحتها وتقديم العلاج اللازم للجرحى، فالمشافي على أهبة الاستعداد والجهوزية لأجل هذا الهدف وتخفيف من حدة الكارثة، مبيناً تجهيز مراكز إيواء لعشرات العائلات مع تأمين وجبات غذائية ومواد إغاثية من حرامات وفرش وغير ذلك.

 
لا يمكن الوصف..؟!
تعاضد الجهات الرسمية مع القطاع الخاص والأهلي ساهم في شكل كبير في تخفيف الكارثة، لكن حجمها الكبير يبقى بعيداً عن أي تصور، حيث يصعب وصف مشاهد الدمار والخوف والذعر وخاصة عند رؤية المواطنين يركضون بحثاً عن نقطة آمنة في الشوارع والحدائق بدون ارتداء ما يرد عنهم البرد القارس والمطر الشديد الذي استمر في الهطول على فترات طويلة طوال ساعات النهار، مع تفضيل قضاء الليل خارج البيوت خوفاً من زلزال آخر لا يرحم.



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=127&id=194158

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc