نحو 150 دواءً من أدوية الأمراض السرطانية غير موجودة في مستودع الكرنتينا
يتحمل
مصرف لبنان الجزء اليسير من تداعيات الأزمة، فيما يتوزع الجزء الآخر من
المسؤولية ما بين السلطة السياسية من جهة ومستوردي الأدوية وأصحاب
المستودعات من جهة أخرى. في الجزء الأول، وفي اجتماع بعبدا الأخير، انشغل
رئيسا الجمهورية والحكومة في كيفية تأمين الغطاء لأصحاب الاحتكارات من خلال
العمل على إقفال الباب على قرار وزارة الصحة القاضي بالسماح بالاستيراد
الطارئ للأدوية. ويشبّه البعض ما جرى في القصر أخيراً بـ«النقاش في جنس
الملائكة، فيما المشكل يكمن في مكانٍ آخر». أما الأزمة الأخرى، فهي في سلطة
المحتكرين والمستوردين وأصحاب المستودعات الذين يمتنعون عن الاستيراد
والتسليم. وفي هذا السياق، يشير رئيس لجنة الصحة النيابية، عاصم عراجي، إلى
أن المشكلة اليوم تنقسم إلى جزءين: في الجزء الأول، يمتنع المستوردون عن
استيراد الأدوية المدعومة، ومنها أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية قبل
إفراج مصرف لبنان عن الـمستحقات السابقة لهم، والتي تقارب الـ 600 مليون
دولار. أما في الجزء الآخر، فهو امتناعهم أيضاً عن تسليم الأدوية التي رفع
عنها الدعم على أساس السعر الذي حددته الوزارة باثني عشر ألف ليرة للدولار،
والاستيراد تالياً... اللهم إلا على سعر صرف السوق. وخلال اليومين
الأخيرين، حاولت الوزارة إقناع المستوردين وأصحاب المستودعات بالتسليم
والبيع على أساس سعر 12 ألفاً، إلا «أنهم امتنعوا لأنهم إنْ باعوا على أساس
هذا السعر فسوف يخسرون ما نسبته 50% في حال الاستيراد على أساس سعر صرف
السوق». أما النتيجة؟ فهي «الشح في الأدوية المدعومة بنسبة 70%، وتوقف
التسليم للأدوية التي رفع عنها الدعم، بنسبة 99%»، على ما تشير مصادر
الوزارة.
وقد تخلل أمس وأول من أمس اجتماعات مع المعنيين في ملف الدواء
بمن فيهم المستوردون ونقابة الصيادلة. وكان العنوان الأساس رسم خريطة طريق
للوصول إلى حل أزمة الدواء، إضافة إلى النقاش حول جعالة الصيادلة
والمستوردين. ولم تتوصل الوزارة إلى الآن إلى حل في ما يخص الحد من أزمة
الدواء، وقد طرحت عدة سيناريوات، منها سيناريو تأمين الدعم لهم على أساس 12
ألف ليرة للدولار، إلا أنه لا اتفاق بانتظار استكمال النقاشات الثلاثاء
المقبل. أما بالنسبة إلى الجعالة، فمن «المتوقع أن يتبلور الاتفاق الثلاثاء
المقبل، حيث تتجه الأمور نحو الحلحلة»، على ما يقول نقيب الصيادلة غسان
الأمين. من هنا، تسلك وزارة الصحة العامة طرق الحلول الظرفية، حيث أعلن
وزير الصحة العامة، حمد حسن، عن السير بقرار فتح باب الاستيراد الطارئ،
مطمئناً إلى أن ملفات الاستيراد التي قدمت تخضع لدراسة لجنة أكاديمية
متخصصة لضمان الجودة والفعالية. وفي انتظار ما ستؤول إليه الأمور، دعا من
الجهة الأخرى المواطنين إلى التوجه نحو مراكز الرعاية الصحية الأولية
للحصول على أدوية الأمراض المزمنة، والتي تقدر في المراكز بـ 84 دواء،
مؤكداً أنه يمكن لهذه المراكز استيعاب 500 ألف مريض حتى آذار من العام
المقبل.
إلى ذلك، أقفل معظم الصيادلة أمس أبواب صيدلياتهم، اعتراضاً على
ما آلت إليه الأمور. ولئن كانت نقابة الصيادلة قد لفتت إلى أنها «لم تدعُ
إلى أي أضراب»، إلا أنها تتخوف من الظاهرة التي بدأت تتطور، حيث بلغت نسبة
الإقفال في الآونة الأخيرة 60%، بحسب الأمين. خطورة هذه الظاهرة أنها «أوضح
صورة عما آلت إليه الأزمة».
في ظل انشغال السلطة السياسية عن ملف
الدواء، وعما يقوم به حاكم مصرف لبنان، بات أمر الدواء اليوم «متروكاً
للسماء»، وخصوصاً أن معظم الأدوية بات خارج التداول، وما بقي منها لا يفي
بالغرض. فهل تنتظر السلطة عدّاد الموت كي تبدأ بالتفتيش عن حلول؟
الاخبار
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=128&id=188250