مخاوف من عودة التصدير الوهمي إلى الواجهة
الآلية الجديدة لتمويل مستوردات الصناعيين تحظى بالترحيب مع تحفظات



 

 
 

 رحاب الإبراهيم:

“أن تأتي متأخراً خيرٌ من ألّا تأتي أبداً”..هذا لسان حال الصناعيين بعد انتظار طويل للاستجابة لطلباتهم في تعديل آلية تمويل المستوردات اللازمة لصناعتهم بالاعتماد على موارد صادراتهم في تحقيق هذه الغاية، وخاصة أن الطريقة السابقة شابها أخطاء كثيرة وصلت إلى حدّ جني بعض المنتفعين أرباحاً خيالية على حساب الخزينة من دون انعكاس فعلي على الإنتاج والتصدير، لكن رغم أن القرار الجديد، الذي لاقى ترحيب الصناعيين يعد خطوة جيدة لكنها تبقى غير كافية إن لم ترافقها إجراءات متوازية تدعم عمليتي الإنتاج والتصدير وتمنع الاتجار بالعملة ومعاودة التصدير الوهمي إلى الواجهة، وكأنك “يا زيد ما غزيت”.
القرار الممهور بتوقيع رئيس مجلس الوزراء بعد توصية من اللجنة الاقتصادية تضمن نقاطاً عديدة أهمها؛ في حال تعدد إجازات الاستيراد لدى الصناعي الواحد يتم مباشرة سداد 30% من قيمة كل إجازة على حدة مع التأكيد على ضرورة استكمال الـ70% من قيمة أي إجازة مضى أكثر من شهر على إدخال بضائعها، وفي حال عدم استكمال السداد من قيمة الإجازة الأولى بعد مضي مدة شهر يتم التريث بالمتابعة في بقية التمويلات.

صناعيون يرون أن القرار جيد ولكنه غير كافٍ

كما يكتفي الصناعي بإبراز كتاب من رئيس اتحاد الغرف الصناعة السورية أو رؤساء غرف الصناعة موجه إلى مصرف سورية المركزي وفروعه يفيد بأن البصائع المصدرة المراد تصديرها من إنتاج المنشأة العائدة للصناعي صاحب الطلب، كما يسمح للصناعي باستخدام 50% من قيمة القطع الأجنبي الناجم عن التصدير للبضائع لتمويل مستورداته من المواد الأولية أو مستلزمات الإنتاج اللازمة لعمله مع التأكيد على رفع سقف هذه النسبة لتغطية مستورداته اللازمة لعمله لنسبة تصل إلى 100% في حال كانت قيمتها أكبر من تلك النسبة، إضافة إلى تمديد المهلة الممنوحة لاستيراد المواد والتجهيزات اللازمة للصناعي والتي تموّل إجازتها من القطع الأجنبي الناجم عن التصدير لتصبح 6 أشهر بدل 3 أشهر.
جيد ولكن…
القرار الصادر لاقى عموماً ترحيباً من الوسط الصناعي، الذي كان ينتظر إقراره منذ سنوات بعد رفع اتحاد غرف الصناعة سابقاً عدة كتب بهذا الخصوص، بغية تحريك العملية الإنتاجية وزيادة حركة الصادرات، وهنا يرى رئيس غرفة صناعة حلب المهندس فارس الشهابي أن القرار يعد خطوة جيدة جاءت بعد جهود منذ عامين من غرف التجارة والصناعة كانت آخرها مع حاكم مصرف سورية المركزي لكن برأيه لا يزال غير كافٍ، حيث يتوجب اتخاذ عدة خطوات داعمة لتحقيق غايته المرجوة،

ضرورة تفعيل القرار رقم 279 لمنع التصدير الوهمي وضرورة إشراك المصارف المرخصة

وأهمها تفعيل القرار رقم 279 الذي يسمح ببيع أموال الصادرات للمستوردين كي لا يضغطوا على المنصة ومنعاً للتصدير الوهمي، إضافة إلى ضرورة إعادة أموال التصدير التي لا تستخدم بالاستيراد إلى المركزي وفق السعر الرسمي المعتمد.
تفعيل عمل المصارف
وفيما يخص المستوردين الذين لا يستطيعون الحصول على أموال صادرات لهم الحرية في الذهاب إلى منصة التمويل.. يشدّد الشهابي، على أهمية تفعيل عمل المصارف المرخصة بالتمويل والتحويل والاستفادة من أموالها وخبرتها وعدم حصر الأمر بشركات الصرافة دون غيرها.

رفض من المستفيدين ..؟!

ورأى الشهابي أن الأخذ بهذه المقترحات من شأنه تخفيف الضغط على المنصة وتسريع عملها وتخفيض من تكاليفها ومن خسائر المستوردين التي تنعكس سلباً عبر تضخم كبير بالأسعار، إضافة إلى تخفيض العبء عن الدولة عبر استخدام أموال القطع في الخارج.

المطلوب عدم احتكار شركات الصرافة لعمليات التمويل

لافتاً إلى أن هذه المقترحات تقدم بها اتحاد غرف الصناعة للحكومة خلال عامي 2021 و2022، إضافة إلى المطالبة بها في الاجتماعات واللقاءات لكن للأسف كان هناك رفض كبير لها من بعض المستفيدين من عمل المنصة لأن هذه المقترحات تسحب صلاحياتهم وتخفف من مكاسبهم وتضعف من سيطرتهم.
وتمنى الشهابي عبر”تشرين” أن تتبنى الحكومة هذا الحل المقترح، مع إبداء جاهزية غرفة صناعة حلب للنقاش الجاد حول آليات التنفيذ بأفضل وجه.
التصدير الوهمي..؟!
من جهتها الباحثة الاقتصادية د.لمياء عاصي أكدت لـ”تشرين” أن القرار الصادر عن البنك المركزي بعد عدة اجتماعات مع غرف الصناعة والتجارة، وأسفر عن قبول احتفاظ المصدرين الصناعيين بمبالغ صادراتهم بالنقد الأجنبي ليتمكنوا لاحقاً من تمويل مستورداتهم من دون اللجوء إلى المنصة، والتي عبّر الكثيرون عن عدم رضاهم عنها كوسيلة تمويل، وشكوا من تأخير تمويلهم أو تغيير السعر من وقت حجز الدور إلى وقت الحصول على التمويل، يعد خطوة جيدة لكنها غير كافية، حيث أشارت إلى عدد من الملاحظات لا بدّ من أخذها بالحسبان وتتمثل بأن الاقتراح بشأن السماح للمصدر بالتنازل عن الدولارات التي حصل عليها لصالح مستورد آخر، وهو شيء جيد من حيث المبدأ ولكن الخشية من عودة الاتجار بدولار التصدير والتصدير الوهمي من جديد، وهذا ينعكس سلباً على أسعار السلع في السوق.

لا بدّ من اتخاذ إجراءات استثنائية لتشجيع الإنتاج والتصدير

وشددت على ضرورة أن تكون هناك عدالة بسعر الدولار الذي يجنيه المصدرون، الذين يحصلون بكل فئاتهم على مبالغ بالعملات الأجنبية من الخارج، فمثلاً مصدّرو المواد الزراعية، المفروض أن يعيدوا دولاراتهم بالسعر الرسمي، بينما المصدرون الآخرون سيحصلون مقابل دولاراتهم على سعر أعلى من السعر الرسمي، وهذا من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه للتصدير الوهمي لإنتاج صناعي والمبالغة في فواتير التصدير من أجل الاتجار بالعملة الصعبة.
سياسات استثنائية
وأشارت د. عاصي إلى نقطة ثالثة تتمثل بألّا تحتكر مكاتب الصرافة موضوع التمويل، بل يفترض السماح للمصارف العاملة في البلد القيام بهذه المهمة أيضاً، مع ضرورة الربط بين التصدير والكميات من الإنتاج التي يتم وضعها في السوق المحلية كي لا ترتفع أسعار المنتجات.
وشددت د. عاصي على أن كل الخطوات السابقة لن تكون مفيدة للاقتصاد الوطني ولن تتمكن من رفع الناتج المحلي الإجمالي من دون سياسات استثنائية لتشجيع الإنتاج المحلي، بل سيبقى الاقتصاد ومعه المواطنون يدورون في حلقة مفرغة.



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=128&id=194003

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc