لماذا أتعـب المدير من أتى بعـده؟!
21/09/2021





كتب الدكتور سعد بساطة :
أتفهم مخاوف المرشح الذي رفض فعلاً أن ينتقل للإدارة من بعد تقاعـد مدير ناجح ذائع الصيت، ولكن في الحياة المهنية سيصادفنا الكثير من المواقف التي يجد فيها الإنسان نفسه في المنصب من بعد شخصية صنعت أمجاداً وإنجازات كبيرة للمنظمة، ولعل من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الكثيرون هو التركيز على محو تلك الإنجازات وإخفاء اسم تلك الشخصية أو الشخصيات السابقة والعمل على السطو على تاريخ المنظمة أو القسم وذلك بنسب كل النجاحات لشخص المدير الحالي.
قبل عدة سنوات وقت عملي كمدير لإحدى المؤسسات، حضرت الاجتماع السنوي للمديرين في وزارة الصناعـة وقتها، وجرت العادة أن المدير يتغـيـّر كل خمس سنوات إلا في حالات نادرة. وصادف ذلك الوقت انتهاء مدة تكليف أحد المديرين الناجحين والذي ذاع صيته من حيث تعامله الراقي واهتمامه بالموظفين والعـمال والإنتاج ومن حيث حضوره الإعلامي، وكانت الشائعات حول ترشيح أحد الزملاء ليحل محله كمدير جديد، وسألت ذلك الزميل عما إذا كان متحمساً لتلك المهمة؟ فأجابني قائلاً: «سأرفض بكل تأكيد!»، وعندما سألته عن السبب أجابني بقوله: «ذلك المدير أتعب من بعده، فسبب أدائه المميز سيكون المدير الجديد دوماً في محل المقارنات والانتقادات من العـمال والزبائن ومن مسؤولي الوزارة، ولا يمكن أن يقبل بخوض هذه التجربة شخص عاقل إلا إذا كان متعطشاً لأي منصب من دون التفكير في العواقب!».
إن أسوأ الممارسات على الإطلاق هي الحرب المعلنة والخفية على الموظفين القدامى والذين صنعوا إنجازات مع الإدارات السابقة والسعي إلى تطفيشهم وتهميشهم وعزلهم وذلك للتشفي والانتقام من المديرين السابقين في سلوك ينم عن عقلية طفولية ونفسية مريضة، أما الوضع المثالي فأراه في العمل المؤسسي المتكامل بالبناء على ما سبق من إنجازات ونجاحات مع السعي إلى التطوير والتحسين والتغيير الإيجابي الذي يخدم المصلحة العامة وليس المصالح الشخصية الضيقة وعبر احتواء الموظفين وتدريبهم وتطوير مهاراتهم وإعداد الصف الثاني ليتولوا القيادة من بعد رحيلك بنجاح واقتدار.
وباختصار، ليس الهدف لك كمدير أو مسؤول أن تتعب من بعدك، بل أن تريح ضميرك أن تضمن أنك قدمت كل ما يمكن لخدمة الناس ونفعهم وصناعة الأثر الإيجابي، إذا فعلت ذلك فأنا أضمن لك أنك لن تُتعب من بعدك بل ستحفزه لتجاوزك والتفوق عليك إذا كان شخصاً نظيف القلب.
وأختم بالحكمة القائلة: «لا تحاول تحسين صورتك لأحد، كلنا عاديون في نظر من لا يعرفنا، مغرورون في نظر من يكرهنا، جيدون في نظر من يعرفنا، رائعون في نظر من يحبنا».
أهم بديهيات النجاح للمدير الجديد: أن يكون قدوة حسنة في التزامه بمواعيده وسلوكياته، وأن يحـترم سابقيه ويعرف فضلهم وسبقهم، وألا يستنكف عن الجلوس لمرؤوسيه ومعرفة طموحاتهم ومشاكلهم والتودد إليهم، وأن يفرق بين الحزم المطلوب والغلظة المذمومة.
بالنهاية، أفضل الرؤساء هو أقلهم إصداراً للأوامر، أما عـن الأخطاء الأساسية في عالم الإدارة: فمن الخطأ أن تعتقد أن الجميع سيرحبون بقدومك، ومن الخطأ النظر لمن يريد التقرب إليك أنهم أصحاب مطامع شخصية، ومن الأخطاء الشائعة للمديرين الجدد إحداث تغييرات سريعة واتخاذ قرارات عاجلة فور توليهم الإدارة من دون أن تكون لديهم رؤية كاملة لأوضاع المؤسسة فإن هذا غالباً يخلق فجوة كبيرة وتوجساً من المدير الجديد.
من الأخطاء الخطيرة أن تجيب عن كل شيء يوجه إليك من رؤسائك أو مرؤوسيك ولو كنت لا تعرفه، وأخطر منه التمادي في التمويه وخير لك الصمت في هذه الحالة والتريث وليس عيباً أن تقول لا أعلم.
من الخطأ التعامل مع المرؤوسين باعتبارهم أحد الممتلكات الشخصية فتقول موظفيي وإدارتي ونحو ذلك من عبارات ولو غير مقصودة.
ختاماً: ابـن جسور الثقة مع مرؤوسيك؟



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=131&id=188872

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc