للخروج من عنق الزجاجة
لمياء عاصي تكتب عن اللامركزية الاقتصادية



 

سيرياستيبس :

عام آخر يمضي، ومازالت نفس الأسئلة تدور حول الوضع المعيشي المتدني والصعب لمعظم المواطنين، الذين يشعرون أنهم ينتقلون من فقر إلى فقر أشد ومن معدل التضخم الى معدل أعلى، الأمر الذي رفع أسعار السلع والخدمات بشكل لا يطاق، من أهم الأسئلة كانت ومازالت  تتداول اليوم في سورية، لماذا يتراجع وضع التنمية الاقتصادية في بلدنا؟

 

 لعل الأسباب كثيرة، وبالتأكيد أن الحرب الطويلة لها اليد الطولى في مفاقمتها. وكذلك للحصار الاقتصادي والسياسي مساهمة كبرى، ولكن... للخروج من عنق الزجاجة, المطلوب والمجدي أكثر هو البحث عن الممكنات أو مجموعة الحلول.

 

تؤكد تجارب النهوض الاقتصادي العالمية في هذا السياق، أنه لا بد أن تلعب المجالس المحلية دوراً هاماً في تحفيز وتحقيق التنمية الاقتصادية، لأنها تضمن توسيع قاعدة المشاركة واتخاذ القرار، وهو يكاد يكون الطريق الوحيد والأمثل لتحقيق نهوض اقتصادي وتنمية مستدامة بأخطاء أقل، لهذا تم الاعتماد في كثير من الدول على المجالس البلدية لمنح التراخيص اللازمة لإنشاء المشاريع والمساعدة في الحصول على التمويل وإعطاء الاستشارات اللازمة، بينما ينصب دور الوزارات والمؤسسات المركزية على رسم الاستراتيجيات والخرائط الاستثمارية والإشراف على تنفيذها والقيام بالمساءلة والمحاسبة حسب مؤشرات أداء مختلفة تكون أساسا للتقييم, وتشارك المجالس المحلية في رسم الخرائط الاستثمارية والاقتصادية  بما تحتويه من فعاليات ومشاريع.

 

يستلزم الدور التنموي الذي يناط بالمجالس المحلية المنتخبة، أن يكون لديها الصلاحيات اللازمة و الموازنة الداعمة لأداء دورها على خير وجه، يقوم عمل تلك المجالس على ركائز أساسية وهي: الشفافية  والمساءلة وتحمل المسؤولية والمشاركة والعدالة، وهي تمثل اساسيات الحوكمة التي تحكم العمل الذي يؤتي ثماره.

 

تتولى المجالس المحلية تحديد المشاريع التي من الممكن إقامتها في المنطقة المعنية، والموارد اللازمة لها ( المواد الأولية التي تحتاجها)، إضافة الى قيامها بتشجيع  المشاريع الصغيرة والصغيرة جدا من خلال حاضنات أعمال، والمساعدة في التمويل والتشبيك سواء مع الموردين أو الزبائن المحتملين، بمعنى أن موافقة المجلس المحلي على المشروع تكون مبنية على  عدة معايير، مثل: أهمية المشروع للمجتمع المحلي ورأس ماله وعدد العاملين فيه والقيم المضافة التي يحققها المنتج, إضافة الى نوع التكنولوجيا المستخدمة أو الناتجة عنه وتأثيره على البيئة.

 

أهم أسباب اللجوء الى تفعيل دور المجتمع المحلي لكل منطقة من خلال ممثليه في مجالس البلديات أو المحافظات ومنحه الصلاحيات يمكن تلخيصها كما يلي:

 

1-    قيام المجالس البلدية بتحمل المسؤوليات الاقتصادية تجاه المجتمع المحلي، من شأنها أن تخفض معدل البطالة والهجرة وترفع المستوى المعيشي للسكان.

 

2-    إن أهم الخطوات المتخذة لمحاربة الفساد، تكون بتوسيع دائرة اتخاذ القرار، واعتماد أسس الحوكمة وأهمها الشفافية والعدالة والمساءلة.

 

3-    التسعير والتسويق المركزي لمحاصيل محلية مثل الحمضيات والقمح والتبغ والزيتون وغيرها، يهمش رأي أبناء المنطقة وهم الأكثر معرفة بمواردها واحتياجاتها.

 

4-    قيام المجالس المحلية بلعب دور تنموي، ليس بعيدا عن قانون الإدارة المحلية، ولكن حتى الآن، لم يجر وضع آلية واضحة ومحددة لذلك في القانون، الذي ورد فيه نص في المادة 34/ الفقرة الثانية حول المشاركة بتمويل المشاريع التنموية، كما يلي:

 

"لمجلس المحافظة إقرار تمويل مشاريع استثمارية تنموية ذات مردود بما لا يتجاوز 25 بالمئة من الموازنة المستقلة لصالح المحافظة وتعد هذه المادة معدلة لأوجه إنفاق الموازنة المستقلة الواردة بالقانون رقم 35 لعام 2007."

 

أي أن قيام المجالس المحلية بالتمويل الجزئي لبعض المشاريع التنموية الاستثمارية مسموح قانونا، وبالتالي فإن اسهام المجتمع المحلي في تحقيق التنمية الاقتصادية بات أكثر من ضروري، ويكاد يكون المخرج الوحيد لحالة التدني في المستوى المعيشي والانكماش في الناتج المحلي الإجمالي. 

فينيكس

 



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=131&id=190214

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc