المنحة الخجولة .. و محنة المحاصيل الزراعية
ينزف .. هذا الوطن .. و أخطر نزفه في سكانه و شبابه






كتب أسعد عبود :

لن أعلق على المنحة التي أعلنت للمتقاعدين و العاملين في الدولة .. مئة ألف ليرة سورية لمرة واحدة .. !! في يوم من الأيام كان هذا الرقم يهزّ .. و لم يعد أبداً .. هي ثمن 25 ليتراً من البنزين لمرة واحدة .. و كانت الناس بانتظار زيادة رواتب .. و خابت آمالهم ..!!
 وسط هذا الغلاء المجحف اللامحدود تأتي هذه المنحة المحدودة جداً لدرجة أنها تجعل الأنسان يتساءل : هل القائمون على شأننا و الشأن العام ، يعيشون الواقع ... أم منفصلون عنه .. !؟
لكنها منيحة .. على مبدأ أنها بحصة تسند دستاً .. و كثيرون سيجدون فيها جواباً غير واثق على سؤال : ما العمل لتدبير الشأن حتى آخر الشهر و قريباً تفتتح المدارس أبوابها .. !؟ ربما ...
من وجهة نظري أن هذه المنحة تطرح ما هو أهم من خلال أنها لا تطرح حلاً و لا تقترب منه إلا من خلال أنها تطرح أن لا حل لدى الدولة ، وهذا تنبيه عالي المستوى للجميع .. هي تصرح به اليوم  و بالفم الملآن ..!! انذار ..  أو تنبيه موجه لكل من لا زالت آماله معلقة بحلول تقدمها الدولة .. ولا سيما هذه الحكومة ..
ما العمل .. ؟
ليس من حل يقدم على طبق من سهولة و يسر لكل الناس .. والجواب الواضح لكل من يسأل أو يتساءل : دبر راسك ..
سيسعى الخلق .. و لأن تجربتهم في المساعي غدت فقيرة و بائسة بعد اعتمادهم لعقود على شراكة الدولة وقيادتها ،  أكثر ما أخشاه : أن تكون الهجرة هي الحل الأكثر جذباً .. رغم مرارة الهجرة .. و رغم ما تعانيه دول العالم الأخرى .. لكن هناك من يعلن اليوم عن " فيز " جاهزة للسوريين .. و الحكومة ما عندها مانع .. أما حكاية التشدد بجوازات السفر ، فهي ليست أكثر من بوابة لدخول الفساد و الرشى و جمع المليارات من جيوب فقراء يهربون من فقرهم ..
ينزف  .. هذا الوطن .. و أخطر نزفه في سكانه و شبابه .. و يا مدبر ..
ينزف و ليس هناك من يسعى لوقف النزيف .. ولو بمشورة .. أو مبادرة ربما .. أو خيال مشروع ما ..
ضغط الأزمة سيدفع الناس باتجاهات أخرى غير الهجرة .. وهي الاتجاهات التي يجب دعمها .. و في مقدمتها الزراعة ..
الزراعة اليوم تقدم الصورة الأوضح و البيان الأكثر تفصيلاً عن فوضى الحال .. و الخوف من المحال .. كل من في الزراعة خاسر .. و السبب الرئيسي هو فوضى أو انعدام إدارة المحاصيل الزراعية .. و عجز و شيخوخة المؤسسات التي كانت تقوم بهذا الدور ... حتى العريقة منها مثل مؤسسة التبغ .. مرّ على سورية حين من الدهر كان التبغ هو الرافد الأهم لواردات الموازنة العامة للدولة .. أروي  لكم اليوم فقط مثالاً صغيراً عما أسميته فوضى ادارة المحاصيل الزراعية ..
تصر مؤسسة التبغ على شراء البلدي منه بأقل من خمسة آلاف ليرة .. و يشتريه التاجر ولا أقول المهرب .. بعشرين ألف و ما فوق .. و إن باعه مفروماً فبأربعين و ما فوق ..
صحتين و أنا لست ضد التاجر بل أنا مع كل ما يجزي العمل الزراعي .. لكن .. هذه فوضى وهي عامة ..
قد أعود للموضوع



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=131&id=192690

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc