لم نجد الحل لأزمة تسويق الحمضيات!!
11/10/2022



 

علي عبود

منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي والحكومات المتعاقبة لم تتخذ الإجراءات المناسبة لتسويق محصول الحمضيات، وها نحن بعد ثلاثة عقود نتابع تصريحات حكومية بأنها تناقش مع ممثلي الفعاليات الزراعية والتجارية والصناعية الإجراءات المطلوبة لتحسين الواقع التسويقي لمحصول الحمضيات!

لقد استأثر موضوع تسويق الحمضيات باهتمام مجلس الشعب في الجلسة التي عقدها يوم 15/ 10/ 1990، وكان السؤال الذي وجهه المجلس لوزير الزراعة واضحاً جدا، أنذاك، أي منذ 32 عاما: ماذا أعدت الحكومة لتسويق الحمضيات الفائضة عن السوق المحلية؟

وجاء رد الوزير أكثر وضوحاً: “موضوع الحمضيات ملحّ، ونحن لم ننس هذا الموضوع، ونحن نفتش عن الحلول، ولكن لا أستطيع القول أننا وجدنا الحل!”.

واستمرت الحكومات المتعاقبة من خلال وزراء الزراعة والاقتصاد والتجارة الداخلية تفتش عن الحلول، لكنها لا تزال عند جوابها الأول منذ أكثر من ثلاثة عقود: لم نجد الحل لتسويق محصول الحمضيات!

السؤال: هل أخفقت الجهات الحكومية والخاصة طيلة العقود الماضية بإيجاد الحلول لأزمة تسويق الحمضيات، أم أنها لا تريد حلها؟

ما يثير الريبة أن الحكومات المتعاقبة لم تتحرك لمناقشة الإجراءات الكفيلة بتسويق الحمضيات في الأسواق الداخلية والخارجية إلا قبل أسابيع قليل من بدء قطاف ثمار المحصول، ليبدأ معها النقاش والتجريب، لتكلل بعدها الجهود اللا جدية والورقية بالفشل الذريع!

أليس هذا ما حصل في الـ 32 عاما الماضية، وسيستمر بالحصول، مع غياب الإجراءات والقرارات بفتح أسواق دائمة لمحصول الحمضيات مع الدول الحليفة والصديقة لسورية؟

والسؤال الأهم: لماذا تنجح جميع الدول في المنطقة المنتجة للحمضيات بتصدير محصولها مقابل عجز مريع لسورية بتصدير ولو 20% من إجمالي إنتاجها؟

ويمكن أن نستشهد بمشروع معمل العصائر المطروح للتنفيذ منذ أكثر من عشرين عاما، ولا يزال بين أخذ ورد، مع إن الحاجة ماسة لأكثر من معمل في حين تنشط معامل عصائر “الأسانسنات” التي تغمر الأسواق بمنتجات اصطناعية، إن لم تكن مضرة بالصحة، فهي قطعا غير مفيدة.

وإذا كانت “السورية للتجارة” غير قادرة مثلا على استجرار الجزء الأكبر من محصول الحمضيات، كما حصل في العام الماضي، فلماذا لا تقوم وزارة التجارة الداخلية بالتنسيق مع التنظيم الفلاحي بإقامة أسواق هال في المحافظات المستهلكة للحمضيات تشرف عليها مباشرة، كي لا يتعرض المنتجون لابتزاز واستغلال التجار و“الضمّينة”!

وخلافا لما تُروّج له وزارة الاقتصاد، لا وجود لتسهيلات ومحفزات لتشجيع التجار على تصدير الحمضيات، والدليل إن تكلفة تصدير حمضيات غيرنا أغلى من حمضياتنا.. فلماذا؟

ولو كان الأمر جديا لوجهت الحكومة، أي حكومة، وزارتي المالية والاقتصاد بمنح تسهيلات وإعفاءات تجعل الحمضيات السورية، التي سبق وانتزعت إعجاب الإيطاليين، بمنافسة أي حمضيات أخرى.

تصوروا أن الجهات الحكومية تعد اليوم بأن يكون موسم الحمضيات أكثر تنظيماً هذا العام، وهذا يعني أن تسويق المواسم السابقة لم يكن منظما، بدليل تعرض المنتجين لخسائر جسيمة انعكست بتراجع الإنتاج من 1.1 مليون طن إلى 640 ألف طن فقط، وكل ذلك بفعل الدعم الورقي والأقوال التي لم تُترجم إلى أفعال!

الملفت، بل والمريب أيضا، أن الحديث يدور عن خيارات لدعم محصول الحمضيات، ولكن ما هي هذه الخيارات غير المعلنة؟

ربما ستبقى في إطار المناقشات حتى نهاية موسم الحمضيات.. أليس هذا ما حدث في المواسم السابقة؟

ومن المذهل أن يُقال إن هناك تشاورا مع الجهات المعنية بالتسويق، من مصدرين وتجار في سوق الهال وعاملين في مجال التوضيب والتصنيف، وكأنّنا ننتج فائضا للمرة الأولى، بدلا من وجود آليات دائمة للتسويق تنفذها وزارات الزراعة والمالية والاقتصاد والتجارة الداخلية والإدارة المحلية تحت طائلة محاسبة الجهات المقصرة بتنفيذها!

الخلاصة: لن تنجح عمليات تسويق محصول الحمضيات بغياب الآليات الدائمة والملزمة للوزارات المعنية والتي تمنح تسهيلات وإعفاءات ضريبية وجمركية تتيح وصول الحمضيات إلى الأسواق الخارجية بكلفة تنافس مثيلاتها المصدرة من الدول الأخرى، والأهم دعم المحصول كي يصل إلى المستهلك السوري بأسعار تناسب دخله، وإلزام المنشآت السياحية والمعامل بتقديم وإنتاج العصير الطبيعي طيلة موسم تسويق الحمضيات.. فهل تنفيذ مثل هذه الآليات مهمة مستحيلة بالنسبة للحكومة.. أي حكومة؟!



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=132&id=193086

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc