سيرياستيبس :
بدأ موسم زراعة القمح في محافظة درعا بوتائر منخفضة على أن تزداد تلك الوتيرة تباعاً، وخاصة بعد الأمطار الغزيرة التي هطلت مؤخراً، والتي تبشر بموسم وفير في حال استمرت على هذا المنحى وتوزعت في الأوقات المناسبة لمراحل نمو المحصول، على أمل إيلاء الجهات ذات العلاقة الاهتمام المطلوب لتأمين احتياجات تنفيذ المساحات المقررة في الخطة الإنتاجية الزراعية من هذا المحصول الإستراتيجي للموسم القادم بل وللمساحات الزائدة عليها، لما لذلك من دور مهم جداً في تعزيز أمننا الغذائي وتأمين لقمة عيشنا.
تكاليف باهظة
خلال لقاءات “تشرين” مع عدد من المزارعين طغى الحديث عن معاناتهم الشديدة
من جراء ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم قدرة الكثيرين على احتمالها وخاصةً مع
استمرار تفاقمها، حيث لفتوا إلى ضرورة تقديم قروض ميسَّرة تسدَّد على
الموسم للتمكن من زراعة جميع المساحات المتاحة وتقديم جميع خدمات العملية
الزراعية بالشكل المطلوب لتحسين الإنتاج كمَّاً ونوعاً.
تأمين المحروقات
وتطرق آخرون إلى ضرورة تأمين مستلزمات الإنتاج بالقدر الكافي الذي يلبي
الاحتياجات وفي كل مراحل نمو المحصول، وخاصةً لجهة المحروقات والأسمدة، حيث
إن توفير المحروقات بالكميات والأسعار النظامية يرفع عن الفلاح أعباء
مالية كبيرة من جراء شراء تلك المحروقات من السوق السوداء بأسعار مضاعفة
لسدّ بقية احتياجات محصوله، ولا يضطره لاختصار تقديم بعض الريّات، وأملوا
ألّا يتكرر ما حدث في الموسم الماضي، حيث لم تكن المحروقات المخصصة لوحدة
المساحة بالقدر الكافي لعملية زراعة المحصول بمختلف مراحله، ما كبَّد
المزارعين تكاليف باهظة.
وكذلك الأمر بالنسبة للأسمدة، حيث يأمل المزارعون توفيرها بالكميات
والأوقات والأسعار المناسبة لما لها من دور في تحسين نمو المحصول ورفع
جودته وإنتاجيته، ولكون ذلك يخفف من تكاليف تأمين تلك الأسمدة من السوق
الموازي لأسعارها المرتفعة، وللعلم فإن الموسم الماضي شهد عدم تأمين كامل
الاحتياجات المطلوبة من الأسمدة، حيث وُزعت كميات السماد الفوسفاتي
اللازمة، فيما لم يوزع من السماد الآزوتي سوى الدفعة الأولى، أما الثانية
فلم تستكمل بسبب نقص الوارد منه إلى المحافظة.
ولم يخفِ كثير من الفلاحين مطلبهم بضرورة رفع سعر شراء محصول القمح ليكون
مجزياً وخاصةً بعد رفع سعر مبيع البذار للفلاحين والارتفاع المتواصل
لتكاليف الإنتاج بكل مفرداته.
القابل للزراعة
المهندس بسام الحشيش مدير زراعة درعا أشار إلى بدء تنفيذ الخطة الإنتاجية
الزراعية للموسم الزراعي ٢٠٢٢_ ٢٠٢٣، حيث يتم منح التنظيم الزراعي للفلاحين
والجمعيات الفلاحية من الوحدات الإرشادية للمحاصيل والخضار وفق الخطة
الزراعية المعمَّمة على الوحدات الإرشادية والجمعيات الفلاحية، مبيناً أن
المساحة المروية الإجمالية على مستوى المحافظة تبلغ 25516 هكتاراً، منها 21
ألف هكتار محاصيل وخضار، في حين إن المساحة البعلية الكلّية تبلغ 207865
هكتاراً، منها 187500 هكتار سليخ قابل للزراعة ويدخل الخطة الإنتاجية
الزراعية.
واقع الخطة
إن ما يميز الخطة لهذا العام وفق ما كشف مدير الزراعة هو إعطاء الأولوية
لمحصولي القمح والشعير، حيث خصصت النسبة الأكبر من المساحات المخططة لهما
سواء من المروية أو البعل، وبالأرقام بلغت المساحة المخططة للقمح المروي
10500 هكتار وللبعل 82887 هكتاراً وللشعير 32422 هكتاراً، والبقية للمحاصيل
الشتوية والصيفية حسب المتوفر من المصادر المائية، علماً أن خطة الموسم
الصيفي تُراجع في أوقات لاحقة حسب الهاطل المطري ونسبة التخزين في السدود.
تنسيق وتخصيص
ولجهة تأمين المستلزمات، ذكر مدير الزراعة أنه يتم حالياً التنسيق مع
الجهات المعنية بتنفيذ الخطة لتأمين مستلزمات الإنتاج ولاسيما البذار
والأسمدة والمحروقات، حيث أقرت لجنة المحروقات الفرعية في محافظة درعا
تأمين مادة المازوت اللازمة لزراعة القمح والشعير كأولوية في الوقت الحالي،
وذلك بواقع ٢ ليتر مازوت للدونم الواحد من القمح المروي والبعل، وليتر
واحد لكل دونم من الشعير، وسيتم تأمين البذار للمساحات المخططة للقمح وفق
المعايير الموضوعة في فرع إكثار البذار وتأمين الأسمدة وفق الجداول
المعتمدة في فروع المصرف الزراعي.
الإرشاد أولوية
المهندس محمد الشحادات رئيس دائرة الإرشاد الزراعي أشار إلى أهمية تنفيذ
حزمة من التقنيات الزراعية لخدمة المحصول، وفي مقدمتها تحليل التربة لمعرفة
محتواها من العناصر السمادية وتقديم الكميات المناسبة وفق تحليل التربة،
مع وجود توصية سمادية من مركز البحوث العلمية الزراعية، علماً أنه بإمكان
أي فلاح يرغب بتحليل التربة إحضار عينة لمديرية الزراعة لتقوم بإرسالها إلى
مركز البحوث المذكور لتحليلها، كما نصح بتقديم البذار حسب الكميات الموصى
بها سواء للأراضي المروية أو البعل وحسب منطقة الاستقرار، وفي حال توفرت
البذّارات الآلية فالأفضل استخدامها لكونها تضمن التوزع الجيد للبذار في
وحدة المساحة وتوفر حتى في كميات البذار المستخدمة وتحسِّن من نمو المحصول
وإنتاجيته.
وذكر الشحادات أن المحصول يتابع على مدار الموسم من خلال تنفيذ حقول
إرشادية وحقول مدارس مزارعين حقلية لتعزيز قدرات الفلاحين بشأن كيفية رعاية
المحصول والإدارة المتكاملة لمكافحة آفاته.
أولوية تتطلب الاهتمام
نظراً للأهمية البالغة لمحصول القمح التي يدركها الجميع، ينبغي تضافر
وتنسيق جهود جميع الجهات المعنية لإنجاح زراعة الموسم القادم، عبر تأمين
مستلزماته من محروقات وأسمدة ومبيدات وتعزيز تقديم المشورة بشأن كيفية
تخديم المحصول في مختلف مراحل نموِّه والتعامل مع الآفات التي قد تصيبه.